-->

الأحد، 27 يوليو 2014

عمر الفاروق نور الدائم عن (آخر السلاطين)


نتيجة بحث الصور عن اخر السلاطين منصور الصويم
آخر السلاطين.. رواية جديدة لـ منصور الصويم

*عمر الفاروق نور الدائم
حكاية تتناول آخر سلاطين دارفور السلطان علي دينار. هكذا تبدو الرواية للوهلة الأولى، غير أنها تبدأ من "مقتلة" جبال كرري شمالي أمدرمان عبر مشهد يحكيه السّارد (جفال) وخادم السلطان الأمين عن اللحظات المريرة والأخيرة لدولة المهدية وتناثر عشرات آلاف جثث المهدويين على يد الجيش الإنجليزي الغازي، وإذ ذاك، بدأ السلطان علي دينار رحلته لاستعادة ملك آبائه وأجداده في دارفور. جفال هذا، نجا أيضًا من أهوال معركة برنجية الدّامية على تخوم مدينة الفاشر عاصمة السلطان علي ود زكريا، حيث تم تجريب مدفع المكسيم للمرة الثانية على أجساد السودانيين وهذه المرة على جنود السلطان علي دينار.. راسمًا أيضا صورة مؤلمة لمعركة برنجية المروِّعة، وبداية أفول حكم "سيدي" السلطان علي دينار.


ما يُقال هنا؛ إن مفتتح الرواية، وهو نهاية معركتي "كرري" و"برنجية"، استخدم فيه السارد التقنية السينمائية وتقنية "الفلاش الباك"، وأثناء هذين الحدثين المفصليين في  تاريخ السودان وتاريخ  السلطان علي دينار آخر سلاطين دارفور على وجه الخصوص، تم الكشف والتنقيب عن حياة السلطان علي دينار الاجتماعية والسلطانية والإشارة إلى مجتمع الفاشر بكل


تفاصيله ومحتوياته، وتمت أيضا إماطة اللثام عن شكل وتفاصيل إدارة شؤون الدولة، ومن ثم استطاع الراوي رسم بورتريه دقيق وغاية في الثراء عن نفسية وشخصية آخر سلاطين الفور علي دينار.


قد يوحي عنوان الرواية بأن العمل يرتكز على نسخ سيرة السلطان علي دينار، ما يغرق العمل في التاريخية البحتة، لكن من دون شك، تغالط "آخر السلاطين" هذه الفرضية حينما تكشف لنا حياةً اجتماعيةً خافيةً عن الكثيرين ابتداءً من مدينة النهود وانتهاءً 


بمراقد سلاطين الفور العظماء عند جبل مرة.. وسبر غور حياة الناس العاديين من رعية السلطان علي دينار آنذاك. توضح الرواية بجلاء المبررات الهشّة التي اعتمدها "حكام السودان الانجليزي – المصري" لغزو مملكة دارفور.


المتتبع لتجربة منصور الصويم الروائية، عن كثب، ("تخوم الرماد 2001"، ذاكرة شريرة 2005-2011"، "أشباح فرنساوي"2014. 

وأخيراً وليس آخراً "آخر السلاطين"، يتضح لديه بأن الصويم –إذا ما كان قد اشتغل- في ثلاثتيه باستثناء آخر السلاطين على ثيمة المهمشين وكشف بؤر الفساد السياسي والسلطوي وتعريتهما، واصلاً ذروة ذلك في "ذاكرة شرير" الحائزة على جائزة الطيب 


صالح للإبداع الروائي "2005"، فإن اشتغاله على آخر السلاطين أوضّح نقلة جديدة للكاتب، وتطوراً نوعياً إذا ما ركزنا على سلاسة النص وقدرته على محاورة التاريخي للحاضر وغوصه العميق في أتون التاريخ، خارجاً لنا بنص معاصر في تقنيته وهندسته 

وحفريته. 

إننا لن نتوه كثيراً ولن نبتعد أكثر إذا ما عدنا بالزمن للوراء، بالتحديد إلى نوفمبر 1916 أوان مقتل "سيدي" السلطان علي ود زكريا، 98 عاماً مضت على رحيل شخصية سودانية فذة لم تجد حظها من التقييم المناسب والدراسة الموضوعية. 

ما أراد أن يقوله الصويم ربما، أن لعنة جديدة تريد أن تقضي على دارفور ذاتها – وهذا في التاريخ المعاصر- بينما كانت اللعنة القديمة، اللعنة الكولينالية قد قضت على من كان يكسو الكعبة بانتظام طيلة سنوات حكمه القابضة.
*روائي وكاتب سوداني

ليست هناك تعليقات

كافة الحقوق محفوظةلـ مدونة منصور الصويم 2016 | تصميم : رضا العبادي