-->

الاثنين، 21 يوليو 2014

التهميش فـي سياق الأدب -رؤية منصور الصويِّم نموذجاً - ناصر السيد النور




شارك مؤخراً الروائي السوداني منصور الصوِّيم، من بين ثمانين كاتبا من مختلف أنحاء العالم في المنتدى العالمي السادس للرواية الذي عقد في ليون بفرنسا مؤخراً. وجاء عنوان المنتدى تحت شعار: (المنبوذون والمهمشون)، شارك الصويِّم بورقة بعنوان: «اللامنتمون والطبقات الدنيا». وقد تفرعت الورقة عن مفردة معجمية اختارها الصويِّم لتكون مدخلاً للعنوان الرئيس للعمل المشارك في المنتدى لتنشر في ما بعد في القاموس ضمن أعمال المنتدى، ووقع اختياره على مفردة «الهامش» كمدخل للبحث المقدم. دُعي الصويِّم للمشاركة في المنتدى لصلة روايته بموضوع المنتدى فقد حظيت رواية (ذاكرة شرير) باهتمام واسع على المستويين المحلي والعالمي، فحازت على جائزة الطيب صالح للرواية في العام 2005م وترجمت إلى اللغة الفرنسية وتناولها العديد من الكتاب والنقاد بالدراسة والتحليل.
بعد المقدمة (المفردة المفتاحية) يقفز الصويِّم متسائلا في إعادة السؤال عن دور الأدب، ومن ثَّم علاقته بالمحيطين من حوله كمعطى إنساني مكونا عنصرا يستلهمه الأدب في رمزية التأويلات التي تسعها مواعين اللغة، أي الكتابة والتعبير ورصد وسرد ما ينعكس من الواقع على سياقات الأدب. وقبل الشروع في تحليل محتوى الورقة لابد من التوقف قليلاً؛ لماذا طرح الصويِّم دور الأدب ابتداء وهو السؤال الذي يؤكد على قدمه ومحاولات طرحه في كل مرة؟ ما الأدب، تساؤل ابتدر الفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر في مؤلفه الأشهر ما الأدب Qu'est-ce que la littérature ؟ حين أسقط مبدأه الوجودي حول مدى التزام الكاتب تجاه قضاياه المصيرية على فرضية المبدأ الوجودي الذي تمثله رؤاه الفلسفية وأعماله الأدبية. فلم تعد ماهية الأدب أو توظيفه في حدة التساؤل الايدولوجي في المرحلة التي تساءل وحاول الإجابة الفيلسوف الوجودي ذو النَّزعة الاشتراكية. فكما للأدب في كل عصوره ثمة سلطة دائماً ما كانت تعلوه مُشكلة مصدر خطاب وبالتالي محددة مساراً يسير عليه الأدب ومخاطباً فئة بعينها. ومن هنا نتج ما عرف بالاتجاهات الأدبية، ليست قصراً على أسلوب الأدب نفسه؛ بل وصبغه برؤى أيدولوجية شموليَّة حتى أن محاولة الفصل بين الأديب ومذهبه الأيدولوجي بدت محاولة لإلغاء أحدهما. إن الأدب لا يمكن بحال فصمه عن التأويلات الفنية والفلسفيّة على النحو الذي حاول الشكلانيون الروس أن
يجعلوا من اللغة مادة للأدب، الأمر الذي أدى إلى إشكاليات أسلوبية كانت محلّ دحض ومراجعة من كبار الفلاسفة والنقاد.
إن الأدب من بين التيارات الإنسانية في الفكر الإنساني وأدوات معرفية تحاول التفاعل والبحث عن صيغة لفهم ظواهر تحيط بالإنسان وفق المبدأ الماورائي، أي ما يغيب ويعصى على الفهم والتفسير. أعقب تساؤل الفيلسوف الوجودي أنماط من التشكلات الفكرية ربما غيرت من وجهة مسار الأدب وعلاقته بالشأن الإنساني العام وخصوصية رؤية العالم فنيا من رؤى واقعية وبنيوية وتفكيكية وإنسانية حاولت تمثل العالم فنيا وتجاوز الواقع من خلال الإبداع الفني والفكري وما ينجزه من قيم معيارية. تقاطعت هذه النظريات مع العلوم لإكساب البعد الإنساني معنىً إنسانيا، لفائدة الإنسان في المطلق أو بتعبير الصويِّم «كوجود إنساني يستحق الحياة».
إنَّ المدخل الذي تأسست عليه محاولات الصويِّم للإجابة عما طرحه من أسئلة بدت معقدة - في المعالجة والإحالة – استندت على تجربته الشخصيّة كروائي منتج للأدب من واقع أعماله والعالم السردي الذي تبنته شخوصه الروائية، ولم يكتف بالمدخلات التعريفية في تناول ظاهرة التهميش من حيث السياق الاجتماعي والسياسي والتاريخي. ومن هنا يحال التهميش من ظاهرة وصفية في التعريف الاجتماعي وإسقاط سياسي عنيف لا يتوقف خطابه عند حدود التنظير، إلى معالجة مفترضة في سياق آخر لا تخفف منهجية فنية الأدوات الفنية المستخدمة في التحليل من حدته ومحاولة فهمه. والهامش من حيث التوصيف الاصطلاحي، هو أنه لا توجد البؤر المهمشة إلا في مقابل وجود مركز أو ما عرف في الأدبيات الثقافية مؤخرا بجدلية المركز/الهامش. فالتهميش ظاهرة اجتماعية انسحبت على المكونات التي يتكون منها المجتمع المدني، ومن ثم الدولة، المؤسسة المدنية التي تفرض وتطبق وتحتكر حق تفسير القوانين. وفي منحى آخر تمنحُ الاعتراف الطبيعي لرعاياها وتفصل بين مواطن المركز من حيث إنه فرد جدير – وفق الأعراف قبل الدساتير - بالتمتع بامتيازات الدولة ورعايتها. أما إنسان الهامش فترك لمكابدة ظروفه الطبيعية دون تدخل من الدولة التي لا تنتمي إليه في الأصل رغم وجوده في المكان الذي يمنح الدولة حقا لسيادة أراضيها! ركز الصويِّم على الآخر (إنسان الهامش) دون تأطير جهوي أو إثني أو سياسي، وأشاد – برأيه- فضاءً روائياً حيث سؤال المعنى والوجود. وبهذا يكون النص الروائي تعويضاً عن المحيط الفيزيقي للإنسان من جغرافيا وأواصر عائلية ومؤسسات رسمية، تصعيداً لمأساة الهامش إلى فضاء تعبيري تتجلى فيه - كما يقول - ذواتنا غير المهمشة.
إذن يتحرك التعريف للفئات التي اختارها الصويِّم مادة للبحث ومصدر إلهام لبنائه الروائي «اللامنتمون والطبقات الدنيا» في مسارات متداخلة بقصد إعادة التعريف من حيث المقاربة الموضوعية كمصطلحات علم الاجتماع وقدرة اللغة في إعادة التعريف بالفئة المستهدفة بالدراسة أو الكتابة. فالتهميش حالة من المنازعة وموقف له متغيرات تدفع به إلى أقصى درجات المواجهة، تفاعلاً بين المُهمَّش وقوة الإزاحة الاجتماعية التي لا تني في إبقائه حيث هو. فالشاهد أن النصوص أو المعالجات التي تتناول التهميش تحاول من خلال آليات البحث التوصل إلى التحليل من خلال مركبات الظاهرة نفسها كالدراسات وعمليات المسح الاجتماعي وما يندرج تحت إطار – باللغة الاكاديمية الدارجة – البحث العلمي. ولكن كيف للأدب أن يتناول ظاهرة تخصُّ الفرد أو الإنسان ومأزقه الوجودي كما يصفه الصويمّ؟
التصنيف الذي اختاره الصويِّم أو الفئات التي حاول النظر إليها وعلاقتها بالأدب أو الكاتب في تقييد العلاقة ودور كل منهما نحو الآخر، هي كما جاء في إفادته «اللامنتمون والطبقات الدنيا» إن اللامنتمين وصف ليس بالضرورة تعبيراً عن هامش له هوية محددة. إن الشخض اللامنتمي يعاني من حالة اغتراب تتكامل عواملها الفردية ومؤثراتها النفسية، وأحياناً يكون الاغتراب توتراً حادّاً بين الفرد ومجتمعه حين يتدهور التكيف المجتمعي. ولكن الطبقات الدنيا تبقى الإشارة البارزة في سطح التكوينات الإنسانية ودرجة وجودها الحيوي في سلم التراتب الاجتماعي والثقافي والسياسي. فلعل الرابط بينهما التجاذب والانفلات بين الفرد ودائرة تمثليه الاجتماعية؛ فالأول اختياري والأخير قسري. يشير الصويِّم إلى أن الأدب كان دائما له دور في التغيير والانتقال، مستخدماً أداتي الإدراك والوعي، ثنائية من ضمن آليات المعرفة في بعدها الفلسفي وشعوراً عقلانياً مُسنداً بالتراكم المعرفي، ولم يذهب بعيدا في التوسع – ربما تقيدا بمحددات الورقة- حول كيفية تفاعل هذا الانتقال أو التغيير ضمن محددات المسارات التاريخية للأدب. ولكن يبقى الأدب محملا بعبء هذا التغيير في وجود وتزايد الإزاحة التي تنتج فئات دون الطموح الانساني.
يفترض الصويِّم أن الأدب حين يكون أدبا أصيلا وخالصا وإنسانيا بإمكانه خلق حالة تواصلية إنسانية يتوحد عندها الشعور بالألم أيا تكن المسافات التي تفصل بين الناس. الرؤية هنا مشبعة بتفاؤل ربما أوحت به اللغة التي يتبناها الأدب، والأدق أن شخوص الصويِّم الروائية التي تناولها في روايته (ذاكرة شرير) استطاعت أن تتوحد بالشعور الإنساني في مجمعات الشماسة (المهمشين). فالشخصيات الروائية هي في الأساس من خلق الكاتب كما يرى الناقد الروسي ميخائيل باختين في تناوله للمشكلة الشعرية لدى دستويفسكي. فإذا كانت هناك شخوص، يفترض وجود مجال حيوي أيا تكن درجة تهميشه يتجذر فيه المشترك الإنساني من لغة وثقافة وحالة من الحوار تتيح له التعبير والتعامل. وهي الوسائل التي يحتاجها الأدب في تصوير الواقع قبل تغييره، لأن المتخيل الأدبي لا يحول واقعا ما إلى إحالة مروية Narrated من واقع أدوات ذلك الواقع. فاللغة والثقافة التي تعبر بها الشخوص (المهمشة) لا تنتمي إليه من حيث السياق الدلالي لأن المفردات اللغوية - برأي الصويِّم – تتحول إلى علامات دالة عليه في المتن الروائي. وعليه تقف اللغة عاملاً محايداً وليست أداة تواصل بين ما يراه الكاتب وشخوصه في النصوص والواقع الطبيعي الآخر الذي لا يملك قدرة التوصل إلى فهم ما يجري حوله، حالة من التغييب تتطلب من الكاتب (الأديب) التعامل مع نتائجها لا مسبباتها من خلال تسليط الضوء على آلامها. وهو ما تفصح عنه اللغة في نظمها الفني وتشكلها السردي في التعاطي مع واقع الحدث الروائي. لا تتوقف المحاولات في السرد، في بناء شخصيات وفق الطريقة المبدئية للسرد حيث تحاول الشخوص تنظيم واقعها لفهم الزمن في تطور الأحداث، وما يبديه التساؤل الملتبس حول متى يبدأ الزمن في العالم الواقعي ومن أين يبدأ الراوي، الجزئية التي تتحدى الكاتب في الإمساك بها لخلق تصور ينبض بالواقع ولا يحاكيه.
إن الأدب من بين التيارات الإنسانية في الفكر الإنساني وأدوات معرفية تحاول التفاعل والبحث عن صيغة لفهم ظواهر تحيط بالإنسان وفق المبدأ الماورائي، أي ما يغيب ويعصى على الفهم والتفسير.
رواية (ذاكرة شرير) موضوع البحث شكلت المستوى التحليلي الذي يشكل مرجعية في مراجعة ظاهرة التهميش في إفادات الصويِّم وقراءاته للعلاقة بين الأدب ومحاولاته في الاقتراب من وقائع اجتماعية متنحية. يقول الصويِّم إن روايته قد تناولت قضايا المعاقين والشحاذين والمشعوذين ومن هم في حكم التغييب، وبالطبع غير المشمولين بقوانين المواطنة. ومن هنا تركز الاهتمام من دوائر ومؤسسات عديدة بقيمة العمل ومحتواه الإنساني بتناوله لشرائح مصابة بالاعتلال الاجتماعي في واقع تمكنت فيه الرواية من كشف للتناقض الذي يعيشه المجتمع من منظور اجتماعي وديني في بلد تتنازعه هويات تعددت فيها الهوية والإثنية وشروط التكوين ودرجة الاعتراف على مستوى التكوينات الاجتماعية والسياسية. كاشفاً بذلك ونازعاً وهم الإنسان وتصوراته المركزية Anthropocentric في وجوده الذي يتعدد بالمؤثرات الكونية والروحية، ومنتجاته الثقافية في سياقيها المادي (الحضاري) والمعرفي (الثقافي). لا تحلل نفسية الشخوص في رواية (ذاكرة شرير) إلى عوامل ونزعات وشهوات فردية بسيطة، بل تفاعلاً يستدعيه النسق الاجتماعي لهذه الفئة ليتماسك بناؤها الاجتماعي بالمعايير المتاحة، وإن بدت هذه التشكلات مدانة ومجرمة من قبل النمط الثقافي السائد. ربما لم يكن التوافق غير المقصود بين المعالجة الفنية المتماسكة في بنية السرد وتشكيلة العلاقات الناظمة لمجموعة الهامش إلا بالحدّ الذي يفضي إلى اشتقاق العلامات التي ترمز إلى محددات ثقافية بعينها. ويتحول الإطار العام كالنصِّ الروائي والواقع الاجتماعي المحيط إلى حقل ملغوم تتفجر فيه الأسئلة وتُجرد القيم من مضامينها النسبية. فحياة آدم كسحي الشخصية المركزية في الرواية (البطل) تتصاعد عاكسة لتجربة إنسانية وقد نُزِع عنها المسكوت في طبقات العقل الاجتماعي الجمعي. ولا تخلو مسيرة حياة كسحي من مفارقات عادية محتملة الحدوث في حياة الشخص الطبيعي دون أن تحدث خللاً يُؤطر للشخصية الهامشيِّة في مسلكها الحياتي العام. فالرغبة والرهبة نزعات كامنة في النفس البشرية، لا يحدُّ منها إلا المرجعيات السلطوية القائمة في مُسطّحات المجتمع ظاهرياً. ولكنّا نقف أمام خصوصية ثقافية على مدى تحرك الشخوص الروائية ودرجة استجابتها ومقاومتها للتهميش. يحدث هذا ويُعبر عنه بطرائق غير مألوفة في ممارسة الاحتجاج والرفض نسبة لاختلاف الخبرات الاجتماعيِّة والنُظُم التي تنتجها ثقافة المهمشين في رواية ( ذاكرة شرير) في مقابل نظم مغايرة وأكثر تطوراً لأنها منظومات ثقافية ينطبق عليها الوصف الأنثروبولجي للثقافة في ظروفها البدائيِّة. فثقافة المهمشين وغيرهم من الفئات المعزولة كغيرها من الثقافات التي لا تقبل الاختزال، أو الاندماج بالتعبير المعاصر في نسق الثقافة المهيمنة. ويطالب الصويِّم الكاتب (الأديب) بسلسلة من الخطوات التي يجب اتباعها للاقتراب من دائرة المهمشين لفهمهم والإحساس بآلامهم وذلك بالتماهي والذوبان الشعوري لسبكهم جمالياً في منجزه الأدبي.
ومن الواضح أن هذه الخطوات تضع حداً بين إنسانية هؤلاء المهمشين المفترضة والمصدر الذي يتعاطاهم كقضايا وعينات للبحث أو مادة تلهم النصَّ الأدبي – لسبكهم جمالياً- لإنجاز مهام البحث أو حشدهم لإغناء النصّ الروائي. لا توحي محاولات الكاتب في الاستفادة من مخزون آلام الإنسانية بالقصور أو العجز عن لعب دور أكثر واقعية مع قضية يتصدى لها بأدوات محدودة التأثير. فالمحور الذي يدور حوله دور الأدب كما يفترضه الصويِّم هو الاتجاه نحو البؤر الأكثر إظلاماً (المهمشين) لا في طبقات النفس الإنسانية فحسب، ولكن حتى في أتون المجتمع، معرباً عن معاني ومفسراً بغير إلزام مجمع عليه رؤيته لما يتصوره من أفكار وإن بدت متخيلة.
وتقول كاتبة الغارديان آليس كوتري : «إن كتابات الصويِّم تنقب عميقاً في الأوعية الجنس- نفسية للعالم التحتي وفي التجاويف الخفية لثقافة المدن. فالصويم يستكشف المعضلة والجوانب العالمية في سياق إنساني أرحب بشكل عام وعن بنية مجتمع أفريقي من النادر أن نصل إليه. إن الوحشية والمشاهد القاسية في هذا الكتاب الرائع (ذاكرة شرير) وقدرته على رسم التداخل بين عوالم أكثر قطاعات المجتمع السوداني تهميشا ربما قورنت بالخبز الحافي في مذكرات العالم التحتي لمحمد شكري. فقد تصلح المقارنة بالنسبة إلى العاطفة الملحاح لكتابات الصويِّم وإجادته للوعي غير الشخصي، بغض النظر عن موضوعها الحسي – ولكن هناك سرد قيثاري لا صلة له بلغة محمد شكري المتدنية الفظة. خلال سنوات من البحث المكثف بعين غريزية حادة لأنثروبولوجي، فإن الكتاب عمل ملحمي وتوثيق مكثف ودقيق زرع فيه الصويم الجسد العاجز لبطله مع جهد مستنفد يرتفع لرسم أمواج هادرة لمجتمعه ككل، لينقض على التفاصيل الدقيقة لعالمه الداخلي وحياته اليومية بالتزامن مع أسلوبه الاستثنائي». 
إن قراءة الصويِّم للتهميش - بحسب الأطروحة المقدمة - لا تقدم التهميش مقروءا في أبعاده الاقتصادية والسياسية والإثنيِّة كما هو الشأن في الكتابات التي تنظر إلى واقع السُّودان كمكان موبوء بظواهر اجتماعية سلبية يشكل التهميش أبرز نقائضها. فتجاوز إلى قضية جوهرية تخصُّ الإنسان في مأزق الهامش الذي لا ينتهي إليه التهميش كملفوظ اجتماعي بقوة التصورات الثقافة التي تتصدى لإنسان الهامش في كافة الجبهات. فتدخل الكاتب ليس تقحماً لفحص واقع لا ينتمي إليه لا يتم دون رؤية مسبقة مستخدما أدواته في الكتابة ونزعاته الواعية في التأمل والإدراك، لنقل الواقع متحولاً إلى دلالات رمزية في النصّ السردي، ناقلاً ما يعده حلقات متنافرة تتداخل في منظومة اجتماعية أخرى لا تنثني في تصعيد صراعها وصولا إلى مساواة في الفعل والشعور. لم يكن تدخل الصويِّم أو اقترابه عفوياً للكتابة عن شريحة مهمشة دون أن يُحدد المسارات التي تتأول الوسائل الفكرية والمنهجية في تقصي الشخوص والأحداث وفقاً للتقسيمات المنطقية للكتابة بما يتجاوز طبيعة الواقع الماثل ويضع بالتالي الكتابة في مواجهة التهميش بالمعنى الاجتماعي في السياق الأدبي.
 ناصر السيد النور

ليست هناك تعليقات

كافة الحقوق محفوظةلـ مدونة منصور الصويم 2016 | تصميم : رضا العبادي