-->

الاثنين، 23 يناير 2017

” الحنين في (أشباح فرنساوي) يتجاور مع قلق الحاضر ويستدعي المستقبل .. “ - حوار

منصور الصويم:


* الحنين في (أشباح فرنساوي) يتجاور مع قلق  الحاضر ويستدعي المستقبل

* الرواية رصد اجتماعي لما أغفله التاريخ الرسمي
لقاء مع محفوط بشري

يستيسة صباحاً بالتوقيت المحلي، يتعاطى بهدوءٍ عُرف عنه مع طقوس الصباح الروتينية، قبل أن يخرج من منزله بحي (السويدي) الواقع في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية، قاصداً حي (نمار) حيث يعمل (محرر ديسك) بصحيفة إلكترونية. يفتح جهاز الكمبيوتر ويسجل دخوله إلى الشبكة العالمية، متصلاً بأصدقاء وأحباب مبعثرين في أرجاء الدنيا، وإن كان أكثرهم في السودان الذي غادره منذ عام ويزيد.
في الفراغات الصغيرة التي يتيحها إيقاع العمل الضاغط، يتماسّ منصور مع كثيرين، في موضوعات متعددة، حتى وقت متأخر من الليل، وهو أمر يثير فضول المتسائل: إذن متى يكتب؟
فالحائز على جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي في العام 2005م من مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي بأم درمان؛ عن روايته ذائعة الصيت (ذاكرة شرير)؛ يبدو للناظر إلى انغماسه في العمل وتواصله الذي لا ينقطع مع أصدقاء كثر؛ وكأنه لا يجد وقتاً ليكتب.. لكن هذا الأمر تدحضه حقيقة أنه أصدر قبل أيامٍ رواية (أشباح فرنساوي) عن (دار العين) بمصر، وهي معروضة الآن بجناح الدار في معرض القاهرة الدولي للكتاب، وكذلك قد يدهش البعض إن عرفوا أنه انتهى –كذلك- من كتابة روايته التاريخية عن السلطان علي دينار، الموسومة بـ(آخر السلاطين)، وهي الرواية المموَّلة من الصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق) – منحة 2011.
تسللنا إلى منصور عبر الفراغات الصغيرة من الوقت التي يتيحها عمله المضني، لنحاوره حواراً هو أقرب إلى جرد حساب لما مضى، واستشراف ما يأتي، طارقين على نقاط نرى أن ثمة حاجة إلى لمسها، تتعلق برواياته، وعلاقته بحقول أدبية أخرى، ومسيرة كتابةٍ بدأت تترسَّخ الآن، ليصير اسم منصور الصويم اسماً يصعب تجاهله في خريطة السرد في السودان.
تحدث إليه – محفوظ بشرى
* (أشباح فرنساوي)؛ الرواية الثالثة – نشراً- لك، وثمة أخرى رابعة تنتظر، في مقابل مجموعة قصصية لم تنشر (طقس العناكب) برغم أنك عرفت في البداية بوصفك قاصاً، وفزت بعدة جوائز في مجال القصة القصيرة بل إنك الأمين العام لنادي القصة السوداني حتى الآن.. ما الأمر؟
- نعم، أنا بدأت بكتابة القصة القصيرة، ويمكنني أن أدعى أنني حققت قدراً من الانتشار ككاتب قصة قبل أن أصدر أولى رواياتي (تخوم الرماد). في فترة التسعينيات نشرت نصوصاً قصصية كثيرة، شكلت في ما بعد المجموعة القصصية (طقس العناكب) التي لم تصدر حتى الآن لظروف النشر المعروفة، وأيضاً لتركيز دور النشر أخيراً على الرواية. ولكن وبالرغم من تحقيق هذه القصص القصيرة لنجاحات من خلال المسابقات القصصية ومن خلال التناول النقدي ودرجة الذيوع والمقروئية؛ إلا أنني كنت أحس دوماً بأنني كاتب رواية أكثر من كوني قاصاً، وأحس أن كثيراً من نصوصي القصصية ما هي إلا مشاريع روايات لم تكتمل، هذا إحساس مزعج بالطبع، لحساسية القصة القصيرة والصعوبة التي تكمن في كتابتها وعدم احتمالها هذا النوع من التأرجح، لذا في مرحلة مبكرة حسمت أمري بتبني كتابة الرواية، وإن استمررت في كتابة القصة القصيرة من مرة إلى أخرى، المدهش أن هذه الملاحظة (أنني روائي أكثر مني قاصاً) كانت أولى الملاحظات التي واجهني بها الأستاذ عيسى الحلو، في أول لقاء لي معه في العام 1997م، وأذكر أنه طلب مني بوضوح أن أتجه لكتابة الرواية، وهي ذات النصيحة التي قدمتها لي الروائية والشاعرة المبدعة كلتوم فضل الله في نفس تلك الفترة، وكنت قبلهما قد وصلت إلى نفس النتيجة.. شيء أخير؛ أعتقد أن غرامي المزمن بالسينما أحد الأسباب التي دفعتني لكتابة الرواية، فالفنان يتداخلان بشكل مدهش وساحر.
* دعنا نتحدث عن نزعتك نحو التأريخ.. (تخوم الرماد)، (ذاكرة شرير)، (أشباح فرنساوي)، (آخر السلاطين).. كلها تبتعد عن زمن كتابتها سنوات إلى الوراء، باستثناء (تخوم الرماد) التي تقف بين زمنين.. ما الأمر؟ هل انتظرت الحاضر لينضج قليلاً ثم يبرد قبل أن تحكي عنه مثلاً؟ أم أن هناك حنيناً إلى الماضي مثل هذا الذي يسطع بقوة في (أشباح فرنساوي)؟ أم تراك فقط لا تحب الآن ولا الآتي؟
- ربما تكمن إجابة هذا السؤال في طبيعة هذا الشكل من ضروب السرد، فالرواية تتوزع تقنيةً وموضوعاً واشتغالاً، بين الأزمنة والأمكنة، وذلك وفق بنائية تركيبية معقدة للسرد المحكي، فأن تكتب في الزمان/المكان، يحتم عليك الانتقال في المدى التكويني لما تسرده؛ مما يعني تنقلاً عبر الزمان والمكان، سواء في الماضي (التاريخ) أو الحاضر (الآني)، أو قفزاً نحو مستقبل يستشرفه العمل الفني (الآتي)، فالرواية في أحد معانيها ما هي إلا رصد اجتماعي لما أغفله التاريخ الرسمي، كما إنها في جانب آخر حفر عميق في الذات الإنسانية، وتمثُّل هذه الذات يتحقق روائياً من خلال ملامسة الذاكرة المحكي عنها/ التي تحكي/ والمحكي لها، فتفاعل هذه الذواكر هو ما يمنح العمل الروائي جدته وجديته ونصاعته.
بخصوص الروايات الثلاث، أعتقد أن الأمر يختلف في ما بينها بعض الشيء، من حيث الاشتغال على الزمن/التاريخ/.. فـ(آخر السلاطين) من الواضح أنها رواية تاريخية استندت في بنائها السردي على السيرة الذاتية للسلطان علي دينار، وإن اشتغلت على التاريخ المجتمعي لتلك الحقبة في أغلب فصولها، وهي برغم ذلك، تتصل مع الحاضر وتتحاور معه بطريقة أو بأخرى؛ فالواقع ما يزال حبيس أسئلة ذلك الزمان القريب نسبياً. (تخوم الرماد) كما ذكرت أنت تتأرجح بين زمنين، وتحاور الحاضر مثلما ترنو إلى الآتي، وهي تحكي عن الماضي. (ذاكرة شرير) تكاد تكون لحظة زمنية ممتدة، تعبر عن واقع يتعقد ويتراجع في كل يوم أكثر. أما (أشباح فرنساوي)، فالحنين فيها يتجاور مع قلق الحاضر ويستدعي المستقبل في محاورة تقترب من المحاكمة، هذا إن وفقت في قراءة ميكانيزمات الزمن في الأعمال الثلاثة.
* ترجمت روايتك (ذاكرة شرير) إلى الفرنسية، وفازت الترجمة الإنجليزية لرواية (تخوم الرماد) بجائزة الطيب صالح العالمية، وهي الترجمة التي أنجزها المترجم ناصر السيد النور.. ما الذي فعلته الترجمة لك، وما تأثيرها على الكتابات اللاحقة؛ هل ثمة عين موضوعة على ما سيقرأه (الآخر) وأنت تكتب، مثلاً؟
- من المدهش أن من أسهم في التعريف، وانتشار رواية (ذاكرة شرير) عربياً هم الفرنسيون! وذلك بعد أن أشاروا إلى مهتمين عرب بالرواية وترجمتها، إلى أن “هذا العمل يمكن أن يكون ملفتاً”، هذا ما رواه لي الصديق والروائي والناشر العراقي صمويل شمعون، وهو يدعوني إلى الاشتراك في مسابقة بيروت 39 التي كنت من ضمن الفائزين بها.
بالتأكيد للترجمة دور كبير في التعريف بالكتاب، وفي العمل على انتشارهم أكثر وإضافة مساحة مقروئية أكبر أيضاً لما يكتبونه؛ إضافة إلى ما تحققه الترجمة من تحاور بين الثقافات المتعددة، وما تخلقه من ترابط ثقافي يجعلنا منفتحتين على العالم، والعالم مطل علينا. وهنا لا بد أن أوجه صوت شكر للمترجم البلجيكي خافير لوفان، فهو من التفت إلى هذه الرواية ضمن اهتمامه بأعمال روائية سودانية أخرى، وهو من قدمني للمشهد الثقافي الفرنسي، حيث استقبلت الرواية -في رأيي- بشكل جيد وأدير حولها عدد من الحوارات، وتم تناولها في الملفات الثقافية بالصحف الفرنسية الكبرى مثل (لوموند)، إضافة إلى الدعوة التي تلقيتها للاشتراك في مهرجان الرواية العالمي في (ليون)، وتقديم ورقة عن: (المهمشون في الأدب)، مما أتاح لي فرصة التعرف على روائيين ومترجمين وكتاب من جنسيات مختلفة، وهذا أفادني كثيراً في اتجاهاتي السردية وحتى في خياراتي المستقبلية للكتابة الروائية.
أما الترجمة إلى اللغة الإنجليزية التي أنجزها المترجم السوداني ناصر السيد النور لرواية (تخوم الرماد)، فأعتقد أنها أضافت الكثير لهذه الرواية، وخلقت بعداً جديداً لقراءتها والتعاطي مع عوالمها في لغة جديدة منتشرة، كما إن نيلها لجائزة الطيب صالح للإبداع العالمي تؤكد على تميزها – الترجمة – وعلى قدرتها في استيعاب المكونات الأساسية لهذه العمل، وهذا مما تتطلبه أي ترجمة ناجحة حتى تصل إلى الآخر المترجم إليه. ناصر ترجم أيضاً فصلاً من رواية (أشباح فرنساوي) تم نشره في كتاب (أصوات عربية جديدة) عن (دار الساقي اللبنانية). بصورة عامة أرى أن الترجمة تلعب دوراً مهماً في تقديم الرواية السودانية – وهي رواية متميزة – لو أن كتاب هذه الرواية التفتوا قليلاً إلى هذا الجانب وحاولوا البحث عن الدروب التي تقود إليه؛ وما أسهل توافرها مع سهولة الاتصال الذي تحقق مع الإنترنت، فقط ما نحتاجه القليل من البحث والحركة والتواصل مع الجهات التي تهتم بالأدب الأفريقي والعربي وترجمته، كما إن التعاطي مع محيطنا الأفريقي أدبياً -وهو مفقود تماما – قد يساعد كثيراً في ترجمة هذه الأعمال وإيصالها إلى الآخرين، من ثم تحقيق شرط أساسي من شروط الكتابة – الرواية –وهو التحاور والتبادل والتلاقح الثقافي مع من يجهلنا أو نجهله.. عن الجزئية الأخيرة من السؤال أقول: نعم أكتب وفي بالي الترجمة، لكن ليس كهدف تحصيلي نهائي أنقاد إليه منجراً بدوافع الشهرة والمال وغيرها؛ ولكن باعتبارها مكملاً حيوياً لنجاح الأعمال الأدبية ومقياساً نوعياً لجدتها وأصالتها، وهذه هي الدوافع التي تجعلني أستمر في الكتابة سواء تحققت الترجمة أم لا.
* لماذا السلطان علي دينار؟
- اختيار شخصية السلطان علي دينار في مشروع عمل روائي تقدمت به لمنحة الصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق)؛ يعود إلى سببين رئيسيين: الأول شخصي، يرجع لافتتاني المبكر بهذه الشخصية العظيمة، ففي مرحلة الطفولة بمدينة نيالا في دارفور كنت أسمع من القصص والحكايات حول السلطان علي دينار وسلطته وقوته وجبروته وحكمته… الخ، وذلك بشكل في كثير من الأحيان أقرب إلى الأسطرة، مما نمى في داخلي حوافز الاهتمام بشخصية علي دينار ومحاولة تقصي الحقائق عنها وتتبع تاريخها، لكن ما أدهشني بعد ذلك؛ هو الغياب التام لهذه الشخصية التاريخية داخل الذاكرة المؤسساتية للتاريخ والمناهج التعليمية والوسائل الإعلامية، ومن هنا نشأ السبب الثاني وهو محاولة إلقاء الضوء على تاريخ هذا الرجل العظيم وإنصافه بسرد سيرة ملكه العظيمة بكل المقاييس، وبما أن أداتي الوحيدة لذلك هي الرواية فقد اخترت أن أكتب عملاً روائياً سيرياً يستلهم سيرة السلطان علي دينار وحروبه الأخيرة، وقصة صعوده إلى الحكم، حتى نهايته على يد الغازي الإنجليزي، مستصحباً في هذا سيرة المجتمع الدارفوري (الفاشر) في تلك الفترة بمحاولة تقديم لمحة ولو سريعة عن طبيعة ذلك المجتمع بتداخلاته وعلاقاته وأغانيه وثقافته.. الرواية برغم تاريخيتها إلا أنها تقودني أيضاً إلى الحاضر بحروبه ونزوحه وحريقه الذي يضرب دارفور، أرض السلطان علي دينار.
* ما الرواية التي لم تكتبها؟
- الرواية التي تهجِّسني تلك التي أستطيع من خلالها تحقيق معادلة الجمالي والموضوع، رواية تعبر بامتياز عن ما أسميه مآزق الإنسان السوداني المجتمعية والوجودية والتاريخية، رواية تعبر عن هذا الإنسان وتسائله وتحاوره دون أن تخل بالمرامي الفنية للرواية، فالأسئلة كبيرة وكثيفة ومتشعبة، تحاصرنا الآن وتضعنا في مفترق طرق: نكون أو لا نكون، وإن لم نسهم كلنا؛ كلٌّ من موقعه؛ في تفكيك هذه الأسئلة وطرحها على بعضنا ومحاولة إيجاد إجابات لها؛ فعلينا السلام.
في الرواية التي أكتبها أسعى إلى طرح هذه الأسئلة بالغوص في المجتمعي والتاريخي، ومحاكمة السلطوي والسياسي، بالضرب على القشرة الهشة المسماة (هوية)، ومحاولة النظر إلى أعمق من قشرتها الكذوب، رواية تناقش هذا ولا تهمل -بل وتبدع- تقنيتها وطرائقها الفنية التي ترفعها عن مزالق التقريرية والوعظية والادعائية النبوئية.
* برأيك، ما أكبر مشكلة أو معوق يواجه كاتب الرواية في السودان؟
- بلا شك الاستقرار وافتقاد الشروط الموضوعية والطبيعية لإنجاز الأعمال الإبداعية والجمالية، والاستقرار هنا يعني (العمل) و(الاعتراف) و(النشر) و(الاحترام). الكتابة في بلد كالسودان نشاط غير معترف به وينظر إليه باعتباره نشاطاً هامشياً وترفياً وغير مجد؛ هذا على كافة المستويات التي تبدأ بالدولة ووزارات ثقافاتها وإعلامها ونزولاً إلى مؤسسات المجتمع الأهلية التقليدية الأخرى (الدينية وغيرها) التي تتبنى بوعي أو دونه توجهات هذه الدولة. في ظل واقع السودان بكل ظروفه المعيشية الطاحنة وبكل تعقيداته المجتمعية والسياسية يجد الكتاب أنفسهم مواجهين بجدران ومتاريس تعمل فقط على إخراجهم من دائرة الكتابة (الإبداع) ومحاولة تدجينهم ككائنات ساعية نحو الرزق بوسائله المعروفة التي ليس من بينها كتابة الرواية أو الشعر، أو من خلال احتوائهم تحت واحدة من المظلات السياسية المقعدة والمعطلة للإبداع. لكن رغم ذلك يا صديقي، يحاول هؤلاء الكتاب أن يخلقوا مساراتهم الخاصة وأن يتيحوا لأنفسهم وسائل تيسر عليهم عملية الكتابة والاستمرارية من خلال تجمعاتهم العفوية أو تلك التي تنتمي إلى مؤسسات المجتمع المدني (الأهلي) وعبر تواصلهم مع العالم الخارجي الذي يعترف بالإبداع والمبدعين أياً كانت جنسياتهم.

* هل تظن أنه يمكن أن نرى ذات يوم الكاتب خالصاً لوجه الكتابة دون اضطرارٍ لفعل آخر غيرها ليعيش؟
-نعم هذا ممكن وليس بعيداً، ونراه ماثلاً الآن في الكثير من البلدان التي تعترف بالنشاط الإبداعي وتتيح له المساحات ليزدهر ويتفرد. فإذا توافرت الشروط الإنسانية الكريمة (مجتمع مدني ديمقراطي، اكتفاء اقتصادي، تنمية متوازنة… الخ) يصبح من السهل أن تجد الكتابة موقعها الطبيعي بين إبداعات وإنتاجات الإنسان الأخرى في عملية تبادلية تحقق الحياة الكريمة للكاتب مقابل ما يقدمه من أعمال إبداعية وأدبية.
* في مشهد يمور بالتحولات على كل الأصعدة، أيمكن أن تشاركنا ما تراه، ما تنتظره، وما تتمنى أن يكون؟
- بلا شك، البلاد الآن تقف عند مفترق طرق نهائي، فإما تحقيق التداعي الوطني وطرح كافة المشكلات التي تؤزم البلاد، والعمل على مداواتها بوضوح وشفافية ودون إقصاء لأحد أو تعالٍ على آخر؛ أو أن ما تبقى مما كان يعرف بدولة السودان سيذهب أدراج الريح. وهذه الدعوة لا تشمل السياسيين فقط، وإلا لظلت الدائرة الجهنمية التي تطوق السودان كما هي، فالمأزق الحالي يتطلب مشاركة كافة أطياف المجتمع السوداني في حوار وطني شامل وشفاف، والتعويل الأكبر على المثقفين والمفكرين المغيبين عن الحراك الفاعل والمشاركة المجدية في شأن البلاد؛ فهم من له القدرة في تشريح الواقع الماثل بكل إشكالاته المجتمعية والقبلية والثقافية والاقتصادية من خلال أدواتهم النقدية والفكرية، فالسياسي (الحزبي/العسكري) جرّ الوطن طوال السنوات الماضية صوب مطبات تولد منها مطبات، وأعتقد أن الأوان قد آن ليسهم مثقفو هذا البلد في علاج جراحه ووضع حلول للأزمات التي خلفها انفراد السياسيين بالشأن العام طوال العقود الماضية.

ليست هناك تعليقات

كافة الحقوق محفوظةلـ مدونة منصور الصويم 2016 | تصميم : رضا العبادي